بغداد – كشف الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي عن مؤشرات “صادمة” وردت في بيان البنك المركزي العراقي الأخير، أظهرت أن العجز الفعلي في الموازنة تجاوز 35 تريليون دينار خلال السنوات الثلاث الماضية، رغم أن البلاد تمتعت بمتوسط سعر نفط تجاوز 75 دولاراً للبرميل وصادرات يومية تفوق 3.3 ملايين برميل.
المرسومي أوضح أن “ما يثير القلق هو أن هذا العجز تم تمويله عبر الاقتراض الداخلي الذي قفز إلى أعلى مستوى في تاريخ العراق متجاوزاً 91 تريليون دينار، وهو ما يكشف خللاً بنيوياً في إدارة الموارد المالية وتلاعباً خطيراً في آليات الصرف والتمويل، وسط غياب الشفافية والمساءلة”.
وأضاف أن وزارة المالية، رغم امتلاكها فوائض مالية تتجاوز 22 تريليون دينار، ما تزال تغرق الدولة بالديون المحلية، في دلالة على أن القرارات الاقتصادية لا تُبنى على معايير الكفاءة بل على مصالح سياسية وشبكات نفوذ متغلغلة في المؤسسات المالية.
وفي السياق ذاته، حذّر النائب أحمد الشرماني من أن استمرار هذا النهج سيحوّل الدين الداخلي إلى قنبلة موقوتة تهدد الاستقرار الاقتصادي، مشيراً إلى أن الحكومة تعتمد بشكل مفرط على التمويل المحلي عبر المصارف الحكومية والبنك المركزي لتغطية العجز، وهو ما يضعف القطاع الخاص ويجمد عجلة الإنتاج.
الشرماني بيّن أن الاقتراض الداخلي، وإن بدا “أمناً” من الناحية الشكلية، إلا أنه يؤدي إلى تآكل الاحتياطي النقدي وارتفاع معدلات التضخم، لاسيما عندما يُموّل عبر طباعة نقدية غير مغطاة، ما يعني أن المواطن سيدفع الثمن من قوته اليومي وتدهور قيمة الدينار.
وتؤكد هذه الأرقام أن العراق يعيش أزمة إدارة مالية لا أزمة موارد، حيث تُهدر العائدات النفطية الهائلة في دوامة الفساد والمحاصصة، فيما تتراكم الديون على حساب التنمية والاستقرار الاقتصادي.
وبات واضحاً أن ما يجري ليس سوى تجريف منظم للثروة الوطنية تحت غطاء “الموازنات الانفجارية”، في ظل صمت رسمي وتواطؤ مؤسساتي يهدد بانهيار اقتصادي وشيك إن لم تُحاسب الجهات المسؤولة عن هذا الهدر الممنهج.
![]()
