كربلاء – في فاجعة تهز مدينة كربلاء، توفي اثنان من الزائرين وأصيب آخرون بحالات اختناق وتسمم داخل إحدى الحسينيات فجر يوم السبت، جراء تسرّب غاز من مولدة كهربائية وضعت بشكل عشوائي بالقرب من أماكن نوم الزوار، في حادثة تسلط الضوء مجدداً على الإهمال والتقصير الحكومي في تنظيم مواسم الزيارات الدينية وحماية أرواح المواطنين.
ونقلت وسائل إعلام محلية عن رئيس لجنة الصحة في مجلس محافظة كربلاء، أنور اليساري، أن الحادثة وقعت في الساعة الثانية فجراً داخل حسينية كانت مكتظة بالزائرين، حيث أُصيبت مجموعة منهم باختناق حاد ناتج عن تسرّب غاز ثاني أوكسيد الكربون. وأسفرت الكارثة عن وفاة شخصين على الفور، فيما نُقل عدد من المصابين إلى المستشفيات لتلقي العلاج، ولا يزال بعضهم تحت العناية المركزة.
ورغم محاولة اليساري التخفيف من وطأة الفاجعة بالقول إن “الفرق الصحية تدخلت على الفور”، فإن هذا التدخل جاء متأخراً بعد أن أزهقت أرواح ووقعت إصابات، في وقت يُفترض أن تكون فيه الإجراءات الوقائية حاضرة سلفاً، خاصة في مدينة مثل كربلاء تشهد تدفقاً هائلاً للزوار خلال المناسبات الدينية.
المأساة كشفت عن فجوة خطيرة في إدارة الملف الخدمي داخل المحافظة، وغياب الرقابة على استخدام المولدات والمواد الخطرة في الأماكن المغلقة، ما يدفع للتساؤل: أين كانت الجهات المعنية عن هذه الحسينية وغيرها؟ وأين الرقابة الاستباقية التي تُفترض في مواقع تستقبل الآلاف من البشر؟
دعوات اليساري لضرورة “اتخاذ إجراءات صارمة” تبدو تقليدية ومتأخرة، وتكررت في كل كارثة دون أي أثر فعلي على الأرض. إذ لم تشهد كربلاء خلال السنوات الماضية أي خطة طارئة حقيقية لإدارة المخاطر في الحسينيات وأماكن الإيواء، بل تُركت الأمور للعشوائية والاجتهادات الفردية، بينما تواصل المؤسسات الحكومية إصدار البيانات دون مساءلة أو محاسبة.
وفيما تمضي التحقيقات وسط غموض وتكتم رسمي، يتصاعد الغضب الشعبي من التهاون الحكومي المتواصل في حماية الزائرين، وغياب الخطط الوقائية، مقابل اهتمام مفرط بالمظاهر التنظيمية والإعلامية الفارغة. وبينما تُحمّل الضحايا إلى المستشفيات، تُحمّل السلطات مزيداً من علامات الفشل في سجل طويل من الكوارث التي تتكرر، دون أن تتغير سياسات أو يُحاسب أحد .
![]()
