بغداد – رغم أن قضاء الصويرة في محافظة واسط سجّل هذا العام إنتاجًا تجاوز 100 ألف طن من التمور من أكثر من مليون نخلة مثمرة، إلا أن هذه الأرقام تخفي خلفها مفارقة مؤلمة؛ فبلد كان يُلقّب يومًا بـ أرض النخيل تراجع من تصدير 75% من تمور العالم في ستينيات القرن الماضي إلى المرتبة التاسعة عالميًا اليوم، وفق تقارير منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (فاو).
وتُظهر البيانات الرسمية أن العراق يمتلك أكثر من 17 مليون نخلة، لكن الفساد وسوء الإدارة والسياسات الزراعية العشوائية جعلت هذا المورد الوطني في مهب الريح، إذ تعاني مزارع النخيل من شح المياه، وتفشي الآفات الزراعية، وغياب الدعم الحقيقي للمزارعين، فيما تذهب مليارات الدنانير سنويًا في مشاريع “تنموية” بلا أثر ملموس.
وبرغم تصريحات وزارة الزراعة عن “دعمها المباشر” للمزارعين وتوفيرها للمبيدات والمساعدات، إلا أن العراق الذي كان يتربع على عرش تمور العالم بات اليوم يستورد منتجات زراعية أساسية، وتُباع تموره بأسعار زهيدة لا تتناسب مع حجم إنتاجه أو جودة أنواعه الشهيرة مثل البرحي والخستاوي والخضراوي.
ويشير مراقبون إلى أن تدهور قطاع النخيل يمثل نموذجًا صارخًا لفشل السياسات الحكومية الممتدة منذ عقود، حيث لا خطط استراتيجية مستدامة، ولا إدارة مهنية للموارد المائية والزراعية، فيما تزداد أرباح الفاسدين من صفقات التوريد والعقود الوهمية.
وهكذا، يتجلى المشهد العراقي بين وفرة في الإنتاج وندرة في الإنجاز، وبين مليون نخلة مثمرة وسلطة لا تثمر سوى الفشل والفساد.
![]()
